الحرية .. خارج الصندوق !!

نعم إنها الحرية ، هى كلمة سهلة بسيطة من خلال بحث بسيط يمكنك الوصول إلى معناها وفحواها بل وأيضاً إلى العديد من التعريفات والصور والأشكال عنها ، وأيضاً قصص وتجارب وصراعات بل وثورات أيضاً للحصول عليها والفوز بها ، ليست مجرد كلمة بل هى أمنية صار يبحث عنها ويتمناها ليس الأفراد فحسب بل والشعوب أيضاً ، طريق لا يستطيع أن يسلكه سوى القليل ويجد فى صعوبة فى اقتفاء أثره الكثيرون .

 

1336886645_5929

لكن هل هذه المعانى والتعريفات والقصص والروايات وأحياناً الثورات اقنعتنى بتناولها للحرية وماهيتها ، لا لم تقنعنى أياً منها بما قدمته لى من شرح عنها ولا حتى مجرد المعرفة البسيطة لها ، لماذا ؟ لا أدرى حقاً لماذا ؟! لكن ما أعمله قطعاً هو أننى لا أقبل بشيء حتى اقتنع به وهؤلاء جميعاً لم يقنعوننى لذا قررت أن تكون تلك تجربتى الخاصة عن الحرية قد تكون الأولى لى لكنها حتماً لن تكن الأخيرة

تبدأ التجربة بسؤال ، لعل هذا السؤال يرشدنى إلى ما يروى عطشى لمعرفة ما هى الحرية بالنسبة لى ، وهو : هل أنا حر ؟! وماذا تعنى لى الحرية ؟!

 

إجابة السؤال الأول القائل هل أنا حر هى لا لست أنا حر بل أنا إسلام ، وهنا بدأت رحلتى للتفكير بعمق فى هذا السؤال ، لماذا أنا إسلام ؟ ولماذا لم أكن نادر كمثال أو باسم أو ندى حتى أو عبد الله ، عبد الله !! عبد المسيح !! عبد اللاه !! لماذا أكون عبد أنا ؟! حتى وإن كان ذلك اسم فحسب .

كانت تلك المحطة الأولى ، صار أسمى فيها عبد ، عبد لمن ؟!

عبد الله ، عبد النبى ، عبد المسيح ، عبد المال ، عبد الشهرة ، عبد السلطة ، عبد الحب ، عبد الشهوة ، تعدد العبيد وكل عبد على مولاه

قررت أن أغير الاسم ، لن يكون اسمى عبد ، لكن ماذا اختار اسماً لى ؟!

أدم ، حواء ، محمد ، عذراء ، طليق ، حرية ، حرية !! نعم ليكن أسمى حرية ، لكن كيف أكون رجلاً واسمه حرية ؟! لكن من الذى قال أن الحرية اسم للإناث فحسب ، ولماذا لا تكون اسماً للذكور أيضاً ، ما الذى يمنع ذلك ؟!

 

كانت تلك المحطة الثانية ، صار أسمى فيها حرية ، لكن لماذا حرية بالذات ؟

لم أقبل بعبد اسماً ، فلماذا أقبل بحرية الآن ؟! لم أجد إجابة لهذا السؤال لكننى وجدت نفسى أمام سؤال أهم منه ، لماذا أنا أقبل بأن يكون لى اسم أساساً سواء اخترته أنا أو اختاره لى غيرى ، وهل بإمكانى أن أختار ألا يكون لى اسماً ؟!

فإذا كنت قد ارتضيت بالحرية اسما أليس من الحرية أن يكون لى الحق أيضاً فى أن أغير اسمى من الحرية إلى أى اسم آخر أو بدون اسم على الإطلاق أيضاً ، هل يمكن ذلك ؟! وما الذى يمنع ذلك ؟!

 

وكانت تلك المحطة الثالثة ، صار لا اسم لى فيها ، لكن هل لى وجود ؟!

 

freedom-cage1

نعم بالطبع أنا موجود لكن كيف ذلك ؟! كيف أكون موجوداً ولا اسم لى ، كيف يعرفنى الناس ، ماذا يقولون عنى ؟ يقولون ما يقولون لا يهمنى ، المهم أنى موجود

ظللت أفكر للحظات هل أنا بحاجة إلى اسم ام لا ؟ وهل اختيارى له هو الذى يهمنى ام أن الذى يهمنى أمر آخر ؟ احترت حقاً فى التفكير فى إجابة لهذه الأسئلة لكن وجدتنى أصل إلى تصور قد يلهمنى ويصل بى إلى ما أريده وابتغيه

لو كنت لا احتاج إلى اسم ، لكن وجودى فى الحياة يفرض ذلك ، سواء كنت حرا فى اختيارى له أو اختير لى لأجد نفسى مجبراً عليه أو قابلاً به أو مسلماً على الأقل بالأمر الواقع أو رافضاً له أو حتى لو وصل بى الأمر إلى أن أغيره ففى النهاية سوف استبدله فحسب لكن لن انفيه لأن الحياة تفرض ذلك مثلما فرضت أموراً آخرى عديدة ، هكذا هى الحياة .

 

هل اخترت الوجود أساساً من عدمه ؟! لا ، فقد أتيت إلى الحياة دون قرار منى واتركها أيضاً دون قرار

هل اخترت ماذا أكون فى الحياة ؟! لا ، فكم تمنيت يوماً أن أكون طائراً أو حيواناً أو حتى حشرة لكن لم استطع يوماً أن أكن ما تمنيته

منذ البداية وهناك أمور تفرض لا يد لى فيها ولا قرار أو اختيار ، أولد وقد لا أرغب فى الميلاد أصلاً أو أرغب فى الميلاد فى زمان مختلف أو فى مكان مختلف أو بين أناس مختلفين

أحيا وقد لا أرغب فى الحياة أساساً أو أحلم بالحياة فى شكل مختلف بطريقة مختلفة بتفكير مختلف بل بحياة مختلفة

تمنيت أن أكون كبيراً وأنا صغير وعندما كبرت لا تفارقنى أمنية أن أرجع طفلاً مرة أخرى

تمنيت أن أملك صوتاً جميلاً ، تمنيت أن ألعب الكرة بمهارة يعنى حريف ، تمنيت ألا ألبس النظارة وأن يكون بصرى قوياً ، تمنيت أن أكون أكثر جمالاً أكثر ثراءاً أكثر ذكاءاً بل أكثر حظاً فى الحياة

تمنيت العيش فى المدينة وأنا صغير أثناء حياتى فى الريف وعندما كبرت وانتقلت مع أسرتى منذ أعوام عديدة للعيش فى المدينة لا أزال اتمنى العودة إلى الحياة فى الريف حيث الهدوء حيث الخضرة حيث الناس الطيبين

تمنيت فتاة ولم تكن لى ، تمنيت وظيفة ولم تكن لى ، تمنيت شيئاً ولم يكن لى ، هذه هى الحياة التى تجبرنا على قبول أشياء لا نقبلها أو على عدم قبول أشياء نقبلها ، كيف هذا ؟!

نتمنى وظيفة لكن لا نعمل بها ، نحلم بفتاة لكن نتزوج غيرها ، نطمح بالنجاح وننال الفشل ، وهكذا العديد والعديد

 

عندما أفكر هل أنا حر تماماً أو هل يمكننى ذلك ؟!

أجد الإجابة لست حر ولا يمكننى أن أكن حر تماماً ، وذلك لأن ليس كل ما نتمناه ندركه ، فإذا ضربت مثال بالزواج والارتباط كمثال ، هل لى ملكة الاختيار بشكل مطلق فى اختيار شريكة حياتى ؟! الإجابة لا بالطبع ، لماذا ؟ لأنه ببساطة من قد اختارها قد لا تختارنى هى إذا تركنا آلية الاختيار مسموحة بشكل مطلق ، كما أن من أختارها قد تكون صعبة المنال فكم منا من تمنى الارتباط بإحدى المشهورات أياً كانت من هى وهو أمر يصعب حدوثه ما لم يكن مستحيلاً ، كما أن من أختارها قد تكون متزوجة فلا يجوز الارتباط بها من الأساس أو مخطوبة أو مرتبطة بحبيب أو لا تقبل بى أو لا تفكر فى الارتباط أيضاً ، كما أن هناك من العادات والتقاليد ما يصعب مسألة الاختيار أحياناً لا تكون أكبر منك ، لا تكون أقل منك ، لا تكون مطلقة ، لا تكون أرملة ، لا تكون غير متعلمة ، لا تكون لا تكون … إلخ والكثير والكثير من القيود التى يفرضها علينا المجتمع عند الاختيار وهى أمور لا يد لنا فيها ، لذا فمسألة الاختيار هنا ليست متاحة بشكل مطلق بل تتاح لك بما يناسبك أو بشكل أدق الاختيار مما هو ممكن فقط لا الاختيار مما هو ممكن وغير ممكن على السواء .

 

لذلك فالحرية هى أمر غير موجود فى الحياة فما تفرضه علينا الحياة يجعل اختياراتنا محدودة فى نطاق معين مهما صغر أو كبر لكنه فى النهاية محدد وليس مطلق ، فآلية الاختيار ليست متروكة على إطلاقها لنقرر أى قرار حسبما يترائى لنا

 

فالحرية فى نظرى هى : الاختيار مما هو بين القوسين فلا توجد فى الحياة إجابة لا شئ مما سبق .

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *